يبين إيمان المؤمن عند الابتلاء ، فهو يبالغ في الدعاء ولا يرى اثرا للإجابة ولا يتغير امله ورجاؤه ولو قويت اسباب اليأس ، لعلمه أن الحق تبارك وتعالي اعلم بالمصالح .
أو لان المراد منه الصبر أو الايمان , فانه لم يحكم علية بذلك إلا وهو يريد من القلب التسليم لينظر كيف صبره أو يريد كثرة اللجؤ والدعاء . فاما من يريد تعجيل الإجابة ويتذمر إن لم تتعجل ، فذاك إيمانه ضعيف ، يرى أن له حقا في الاجابة ، وكأنه يتقاضي اجرة عمله .
أما سمعت قصة يعقوب علية السلام : بقي ثمانين سنة في البلاء ورجاؤه لم يتغير ، فلما انضم إلي فقد يوسف فقد بنيامين لم يتغير أمله
وقال : (( فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)) (83.يوسف )
وقد كشف هذا المعني قوله تعالي : (( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ))
( البقرة: ٢١٤)
ومعلوم أن هذا لا يصدر من الرسول والمؤمنين إلا بعد طول البلاء وقرب اليأس من الفرج ،
ومن هذا قول رسول الله صلي الله عليه وسلم في مسند أحمد من حديث أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم لا يزال العبد__ ما لم يستعجل ) قيل له وما يستعجل ؟ قال : ( يقول : دعوت فلم يستجب لي)
فإياك إياك أن تستطيل زمان البلاء ، وتضجر من كثر الدعاء ،فإنك مبتلي بالبلاء ، ومتعبد بالصبر والدعاء ، ولا تيأس من روح الله وإن طال بك البلاء
ورحمة الله وسعت كل شىء
فهو سبحانه وتعالى الرحمن الرحيم